في العيادة
نهضت ذات يوم
باكرا، و توجهت إلى عيادة الحي، أسير بخطى وئيدة، و لما وصلت إلى العيادة، توجهت
مباشرة إلى قاعة العلاج، فوجدت مرضى كثيرين ينتظرون دورهم، فانتظرت مع المنتظرين،
و لما جاء دوري دخلت إلى غرفة العلاج، و سلمت الحقنة و وصفة الطبيب إلى الممرضة
التي سجلت اسمي في دفتر كبير، ثم أخذت تعبئ الحقنة. وما هي إلا ثوان حتى أحسست
بإبرتها تخترق لحمي، و شعرت بالدواء يسري فيه ببطء. خرجت من العيادة و أنا أمشي
على مهل، لأنني كنت اشعر بألم في وركي..
غرق التيتانيك
استيقظ
الركاب على رجة شديدة، فركضوا و جوانب الباخرة مذعورين، و تعالى صوت الربان معلنا
بأن الباخرة قد اصطدمت بجبل من الثلج فانشق صدرها، و قد أنزلت إلى البحر قوارب
النجاة، فترك الركاب الباخرة و شأنها، و أسرعوا إلى القوارب، و لكن أحدها قد انقلب
و غرق أكثر من فيه، و كان من بينهم امرأة معها طفل فحملته و جعلت تغالب الأمواج و
تنادي: ارحموا هذا الطفل ! فسمعها ركاب قارب آخر فدنوا
منها، و أخذوا الطفل من يدها، و حاولوا أن ينقذوها فلم يفلحوا، و لكنهم سمعوها
تقول: الحمد لله الذي أنقذ ولدي..
الوصف
كان خالنا رجلا عالما، كاملا أدبه، محمودة صفاته،
و من حوله رفاق صالحون طيب معشرهم، لا يقولون إلا الكلام الحق، و لا يتصرفون إلا
التصرف الذي يعجب، و قد ظلوا على الخلق هذا زمانا طويل الأمد، حتى انتشر ذكرهم بين
أهل المدينة، فسموا عصبة الصلاح.
الإخبار
في تلك اللحظة دخلت علينا أم زيدان، لتقول: إن
شحاذا في الباب، و ليس لديها من النقد الصغير ما تعطيه، و كنت أعرف أم زيدان، لم
ترد يوما متسولا، فقد كانت تقول: من يدري فقد يجور علينا الدهر، و يكرهنا على التسول، و الذي يحسن إلى
الفقراء في هذه الدنيا، يحسن الله إليه في الآخرة، لذلك ناولتها بعض النقد الصغير
الذي كان في جيبي، فانصرفت لتعود بعد هنيهة مسرورة..
الحوار
حكي أن أبا النظام جاء و هو حدث
إلى الخليل بن أحمد ليعلمه، فقال له الخليل ليمتحنه، و في يده قدح زجاج: يا بني، صف لي هذه
الزجاجة.
فقال: أبمدح أم ذمٍّ ؟
قال الخليل: بمدح.
فقال: تريك القذى و تقيك الأذى.
قال الخليل: فذمّها.
فقال:سريع كسرها بطئ جبرها.
فقال الخليل: صف هذه النخلة. و
قد أومأ إلى نخلة في داره.
فقال: حلو مجتناها، باسق
منتهاها، ناضر أعلاها.
قال الخليل: ذمّها.
فقال: هي صعبة المرتقى، بعيدة
المجتنى، محفوفة بالأذى.
قال الخليل: يا بني، نحن إلى التعلم منك
أحوج !
وصف موضوعي
غرفة طالب
صعدت سلما خارجيا وعرا يستند إلى جانب
العمارة، ثم جذبت الباب إلى الشمال، و دخلت، فإذا منظر لا أنساه ما حييت.. غرفة واسعة تشغل
مساحة واسعة، بها نافذتان زجاجهما مغبر مكسر، و فيها مدفأة ذات قوائم من خشب
المضلع في غير دقة، و ليس في هذه الغرفة من أثاث غير كرسيين عاليين، مسندهما من
الخشب المصقول، و ظهارتهما من قماش رمادي قد تغير لونه، فما تستطيع أن تعرف أصله، و منضدة كبيرة على جانب منها خبز ملفف فوق خوان،
و على الجانب الآخر أوراق و كتب مبعثرة، ثم سرير ذو أعمدة نخرة، و ستور صوفية
زرقاء، قد تهلهلت، و تدلت خيوطها، حتى تأذن للهواء أن يدخل و للشمس أن تلقي بأشعتها
على اللحاف الحائل المنشور..
الخوان: مائدة الطعام
وصف وجداني
عصفور مات في القفص
طائر صغير، نسجت أشعة الشمس ذهب جناحيه، و
انحنى الليل عليه، فترك من سواده قبلة في عينيه، ثم سطت يد الإنسان عليه، فضيقت
دائرة فضائه، و سجنته في قفص، طائر صغير أحببته شهورا طوالا، غرد لكآبتي فأطربها،
و ناجى وحشتي فآنسها، وغنى لقلبي فأرقصه، و نادم وحدتي فملأها ألحانا، لقد حل محل
صديق لا تصلني به اللغة، حببه إلي حضوره الدائم، و إن لم يبالي بحضوري، و صوته الرخيم،
و إن كان لا يغرد إلا لأن التغريد من طبعه، و سروره الذي لا يعرف الكآبة، و
اصطباره على ضيق الفضاء، و
قناعته بما قدر له من النور و الهواء، إذا أفرشت له القفص بالأزهار رغبة أن أرضيه،
داسها بإهمال مواصلا تغريده لا يبالي، كأنه فيلسوف لا يكترث بالصغائر و إن كانت
جميلة المظهر، و في المساء كان طائري يصمت إجلالا لقداسة الظلام، فيخفي رأسه تحت
جناحيه، و يجمد جمود المفكر، و الآن لا أرى الصغير المغرد، مات صغير حشاشتي..
نادمه: وافقه و جالسه ، حشاشة: بقية الروح، روح القلب، رمق
الحياة
الوصف التجريدي
القلم
كأن قلمي صنع وفق طبعي، فإذا أسرعت أسرع، و
إذا أبطأت أبطأ، و إذا سكت سكت، إذا تكلمت أصغى إلي، إن قلمي الأسطواني الشكل أليف
صدوق، ينسجم مع أوراقي مهما تنوعت طباعها، و لا يختلف مع مسطرتي، و لا يحتج، و لا
يغار إذا كتبت بغيرهن و الذي يعجبني فيه كرمه و تواضعه و لسانه الفصيح، و أذنه
المرهفة التي تلتقط خلجات نفسي..
و عندما يجود بكل ما يملك، و لا يبقى لديه ما
يجود به، أرميه، و أسمع صوت تدحرجه كأنه يشكرني، لأني ساعته، فأخذت منه ما يحب
عطاءهن و مكنته من تبليغ رسالته.. ما أعجب هذا القلم إنه جماد، و لكنه يحمل روح إنسان نبيل يحب أن
يجود بكل ما يملك، ثم يمضي لا يلوي على شئ، و لا يريد شكورا.. ما أروع قلمي فقد تعلمت منه: هل أكون أقل شأنا من هذا
الجماد الصامت ؟ سأجود بكل ما أملك من قدرة لأنفع الإنسان، هذا الإنسان الذي أهان
القلم رمز الكلمة الطيبة و المعرفة النيرة....
خلجات النفس: ما يخطر في النفس من شكوك.. يلوي على شيء: لا ينتظر و لا يقف.. يلوي عن شيء: يتثاقل عنه..
. المرهفة: اللطيفة الحساسة ن الرقيقة الجانب
0تعليق "أنماط النصوص : أمثلة"